فصل: قال الشنقيطي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الفخر:

واعلم أن الغموم هناك كانت كثيرة:
فأحدها: غمهم بما نالهم من العدو في الأنفس والأموال.
وثانيها: غمهم بما لحق سائر المؤمنين من ذلك، وثالثها: غمهم بما وصل إلى الرسول من الشجة وكسر الرباعية، ورابعها: ما أرجف به من قتل الرسول صلى الله عليه وسلم، وخامسها: بما وقع منهم من المعصية وما يخافون من عقابها، وسادسها: غمهم بسبب التوبة التي صارت واجبة عليهم، وذلك لأنهم إذا تابوا عن تلك المعصية لم تتم توبتهم إلا بترك الهزيمة والعود إلى المحاربة بعد الانهزام، وذلك من أشق الأشياء، لأن الأنسان بعد صيرورته منهزما يصير ضعيف القلب جبانًا، فإذا أمر بالمعاودة، فإن فعل خاف القتل، وإن لم يفعل خاف الكفر أو عقاب الآخرة، وهذا الغم لا شك أنه أعظم الغموم والأحزان، وإذا عرفت هذه الجملة فكل واحد من المفسرين فسر هذه الآية بواحد من هذه الوجوه ونحن نعدها:
الوجه الأول: أن الغم الأول ما أصابهم عند الفشل والتنازع، والغم الثاني ما حصل عند الهزيمة.
الوجه الثاني: أن الغم الأول ما حصل بسبب فوت الغنائم، والغم الثاني ما حصل بسبب أن أبا سفيان وخالد بن الوليد اطلعا على المسلمين فحملوا عليهم وقتلوا منهم جمعًا عظيما.
الوجه الثالث: أن الغم الأول ما كان عند توجه أبي سفيان وخالد بن الوليد عليهم بالقتل والغم الثاني هو أن المشركين لما رجعوا خاف الباقون من المسلمين من أنهم لو رجعوا لقتلوا الكل فصار هذا الغم بحيث أذهلهم عن الغم الأول.
والوجه الرابع: أن الغم الأول ما وصل إليهم بسبب أنفسهم وأموالهم، والغم الثاني ما وصل إليهم بسبب الإرجاف بقتل النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الآية قول ثالث اختاره القفال رحمه الله تعالى قال: وعندنا أن الله تعالى ما أراد بقوله: {غَمًّا بِغَمّ} اثنين، وإنما أراد مواصلة الغموم وطولها، أي أن الله عاقبكم بغموم كثيرة، مثل قتل إخوانكم وأقاربكم، ونزول المشركين من فوق الجبل عليكم بحيث لم تأمنوا أن يهلك أكثركم، ومثل إقدامكم على المعصية، فكأنه تعالى قال: أثابكم هذه الغموم المتعاقبة ليصير ذلك زاجرا لكم عن الاقدام على المعصية والاشتغال بما يخالف أمر الله تعالى. اهـ.
فصل:
قال الفخر:
معنى أن الله أثابهم غم بغم: أنه خلق الغم فيهم، وأما المعتزلة فهذا لا يليق بأصولهم، فذكروا في علة هذه الإضافة وجوها:
الأول: قال الكعبي: إن المنافقين لما أرجفوا أن محمدًا عليه الصلاة والسلام قد قتل ولم يبين الله تعالى كذب ذلك القائل، صار كأنه تعالى هو الذي فعل ذلك الغم، وهذا كالرجل الذي يبلغه الخبر الذي يغمه ويكون معه من يعلم أن ذلك الخبر كذب، فإذا لم يكشفه له سريعا وتركه يتفكر فيه ثم أعلمه فإنه يقول له: لقد غممتني وأطلت حزني وهو لم يفعل شيئًا من ذلك، بل سكت وكف عن إعلامه، فكذا هاهنا.
الثاني: أن الغم وان كان من فعل البعد فسببه فعل الله تعالى، لأن الله طبع العباد طبعا يغتمون بالمصائب التي تنالهم وهم لا يحمدون على ذلك ولا يذمون.
الثالث: أنه لا يبعد أن يخلق الله تعالى الغم في قلب بعض المكلفين لرعاية بعض المصالح. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {لّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ}:

.قال الفخر:

وفيه وجهان:
الأول: أنها متصلة بقوله: {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ} [آل عمران: 152] كأنه قال: ولقد عفا عنكم لكيلا تحزنوا، لأن في عفوه تعالى ما يزيل كل غم وحزن، والثاني: أن اللام متصلة بقوله: {فأثابكم} ثم على هذا القول ذكروا وجوها:
الأول: قال الزجاج: المعنى أثابكم غم الهزيمة من غمكم النبي صلى الله عليه وسلم بسبب مخالفته، ليكون غمكم بأن خالفتموه فقط، لا بأن فاتتكم الغنيمة وأصابتكم الهزيمة، وذلك لأن الغم الحاصل بسبب الإقدام على المعصية ينسي الغم الحاصل بسبب مصائب الدنيا.
الثاني: قال الحسن: جعلكم مغمومين يوم أحد في مقابلة ما جعلتموهم مغمومين يوم بدر، لأجل أن يسهل أمر الدنيا في أعينكم فلا تحزنوا بفواتها ولا تفرحوا باقبالها، وهذان الوجهان مفرعان على قولنا الباء في قوله: {غَمًّا بِغَمّ} للمجازاة، أما إذا قلنا انها بمعنى مع فالمعنى أنكم قلتم لو بقينا في هذا المكان وامتثلنا أمر الرسول لوقعنا في غم فوات الغنيمة، فاعلموا أنكم لما خالفتم أمر الرسول وطلبتم الغنيمة وقعتم في هذه الغموم العظيمة التي كل واحد منها أعظم من ذلك الغم أضعافا مضاعفة، والعاقل إذا تعارض عنده الضرران، وجب أن يخص أعظمهما بالدفع، فصارت إثابة الغم على الغم مانعًا لكم من أن تحزنوا بسبب فوات الغنيمة، وزاجرًا لكم عن ذلك. اهـ.

.قال الألوسي:

{لّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ على مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أصابكم} ظاهر إذ المعنى أساءكم بذلك لكيلا تحزنوا على ما فاتكم من النصر ولا ما أصابكم من الشدائد، وكذا على ما ذهب إليه المغربي، وأما على الأوجه الأخر فالمعنى لتتمرنوا على الصبر في الشدائد فلا تحزنوا على نفع ما فات أو ضر آت، وإنما احتيج إلى هذا التأويل لأن المجازاة بالغم إنما تكون سببًا للحزن لا لعدمه.
وقيل: (لا) زائدة والمعنى لكي تأسفوا على ما فاتكم من الظفر والغنيمة وعلى ما أصابكم من الجراح والهزيمة عقوبة لكم، فالتعليل حينئذ ظاهر ولا يخفى أن تأكيد (لا) وتكريرها يبعد القول بزيادتها، وقيل: التعليل على ظاهره و(لا) ليست زائدة والكلام متعلق بقوله تعالى: {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ} [آل عمران: 152] أي ولقد عفا الله تعالى عنكم لئلا تحزنوا الخ فإن عفو الله تعالى يذهب كل حزن، ولا يخفى ما فيه، وربما يقال: إن أمر التعليل ظاهر أيضا على ما حكي عن السدي من غير حاجة إلى التأويل ولا القول بزيادة لا ويوضح ذلك ما أخرجه ابن جرير عن مجاهد قال: أصاب الناس غم وحزن على ما أصابهم في أصحابهم الذين قتلوا فلما اجتمعوا في الشعب وقف أبو سفيان وأصحابه بباب الشعب فظن المؤمنون أنهم سوف يميلون عليهم فيقتلونهم أيضا فأصابهم حزن أنساهم حزنهم في أصحابهم فذلك قوله تعالى: {فأثابكم غَمًّا بِغَمّ} الخ، وحديث إن المجازاة بالغم إنما تكون سببًا للحزن لا لعدمه غير مسلم على الإطلاق، وأي مانع من أن يكون غم مخصوص سببًا لزوال غم آخر مخصوص أيضا بأن يعظم الثاني فينسى الأول فتدبر. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {والله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}:

.قال الفخر:

{والله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} أي هو عالم بجميع أعمالكم وقصودكم ودواعيكم، قادر على مجازاتها، إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر، وذلك من أعظم الزواجر للعبد عن الاقدام على المعصية، والله أعلم. اهـ.

.قال الألوسي:

{والله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} عليم بأعمالكم وبما قصدتم بها، وفي المقصد الأسني الخبير بمعنى العليم لكن العلم إذا أضيف إلى الخفايا الباطنة سمي خبرة وسمي صاحبها خبيرًا، وفي ترغيب في الطاعة وترهيب عن المعصية. اهـ.

.قال الشنقيطي:

قوله تعالى: {فأثابكم غمًّا بغمّ لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم} الآية قوله تعالى: {فأثابكم غمًّا بغمّ} أي غمّا على غمّ، أي حزنا على حزن، أو أثابكم غما بسبب غمكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعصيان أمره، والمناسب لهذا الغم بحسب ما يسبق إلى الذهن أن يقول: لكي تحزنوا، أما قوله: {لكيلا تحزنوا} فهو مشكل؛ لأن الغم سبب للحزن لا لعدمه.
والجواب عن هذا من أوجه:
الأول: أنّ قوله: {لكيلا تحزنوا} متعلق بقوله تعالى: {ولقد عفا عنكم} فالمعنى: أنّ الله تعالى عفا عنكم لتكون حلاوة عفوه تزيل عنكم ما نالكم من غم القتل، والجرح.،وفوت الغنيمة، والظفر، والجزع من إشاعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قتله المشركون.
الوجه الثاني: أن معنى الآية: أنه تعالى غمّكم هذا الغم لكي تتمرنوا على نوائب الدهر، فلا يحصل لكم الحزن في المستقبل؛ لأن من اعتاد الحوادث لا تؤثّر عليه.
الوجه الثالث: أنّ (لا) صلة، وسيأتي الكلام على زيادتها بشواهده العربية إن شاء الله تعالى في الجمع بين قوله تعالى: {لا أقسم بهذا البلد}، وقوله: {وهذا البلد الأمين}. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
العامل في إذْ قيل: مُضْمَر، أي: اذكروا.
وقال الزمخشريُّ: {صَرَفَكُمْ} أوْ {لِيَبْتَلِيَكُمْ}.
وقال أبو البقاء: ويجوز أن يكون ظرفًا لِـ {عَصَيْتُمْ} أوْ {تَنَازَعْتُمْ} أو {فَشِلْتُمْ}.
وقيل: هو ظرف لِـ {عَفَا عَنْكُمْ} أي: عفا عنكم إذْ تُصْعِدُون هاربين.
وكل هذه الوجوهِ سائغةٌ، وكونه ظرفًا لِـ {صَرَفَكُمْ} جيدٌ من جهةِ المعنى، ولِـ {عَفَا} جيدٌ من جهة القُرْبِ، وعلى بعض هذه الأقوالِ تكون المسألةُ من باب التنازعِ، ويكون على إعمال الأخيرِ منها، لعدم الإضمارِ في الأول، ويكون التنازعُ في أكثرِ من عاملينِ.
والجمهور على {تُصْعِدُونَ}- بضم التاء وكسر العين- من: أصْعَدَ في الأرض، إذا ذهب فيها. والهمزةُ فيه للدخول، نحو أصبح زيدٌ، أي: دخل في الصباح، فالمعنى: إذ تدخلون في الصعود، ويُبيِّن ذلك قراءة أبيٍّ تصعدون في الوادي.
وقرأ الحسنُ، والسُّلمي، وقتادةُ: {تَصْعَدُونَ} بفتح التاء والعين- من: صعد في الجبل، أي: رقي، والجمع بين القراءتين أنهم- أولًا- أصعدوا في الوادي، ثم لما هزمهم العدو- صعدوا في الجبل، وهذا على رأى مَنْ يُفَرِّق بين صعد وأصْعد، وقرأ أبو حَيْوَةَ: {تَصَعَّدُون} بالتشديد- وأصله: تَتَصَعَّدُونَ، حذفت إحدى التاءين، إما تاء المضارعة، أو تاء تفعل والجمع بين قراءتِهِ وقراءة غيره كما تقدم.
والجمهورُ {تُصْعِدُونَ} بتاء الخطاب، وابن مُحَيْصن- ويُرْوَى عن ابن كثيرٍ- بياء الغيبة، على الالتفاتِ، وهو حسنٌ.
ويجوز أن يعودَ الضمير على المؤمنين، أي: {والله ذُو فَضْلٍ عَلَى المؤمنين إِذْ تُصْعِدُونَ} فالعاملُ في {إذْ} {فَضْلٍ} ويقال: أصْعَدَ: أبعد في الذهاب، قال القُتَبِيُّ أصعد: إذا أبْعَد في الذهاب، وأمعن فيه، فكأن الإصعادَ إبعادٌ في الأرض كإبعاد الارتفاعِ.
قال الشاعرُ: [الطويل]
ألاَ أيُّهَذَا السَّائِلِي، أيْنَ أصْعَدَتْ؟ ** فَإنَّ لَهَا مِنْ بَطْنِ يَثْرِبَ مِوْعِدا

وقال آخرُ: [الرجز]
قَدْ كُنْتِ تَبْكِينَ عَلَى الإضعَادِ ** فَالْيَوْمَ سُرِّحْتِ، وَصَاحَ الْحَادِي

وقال الفرَّاءُ وأبو حاتم: الإصعاد: في ابتداء السفر والمخارج، والصعود: مصدر صَعَدَ: رقي من سُفْلٍ إلى عُلُو، ففرَّق هؤلاء بين صَعَد وأصْعَد.
وقال المفضَّلُك صعد وأصعد بمعنًى واحدٍ، والصعيد: وجْهُ الأرضِ.
قال بعضُ المفسّرين: وكلتا القراءتين صوابٌ، فقد كان يومئذ من المهزمين مُصْعِد وصاعد.
قوله: {وَلاَ تَلْوُونَ} الجمهور على {تَلْوُونَ}- بواوين- وقُرِئَ بإبدال الأولى همزة؛ كراهية اجتماع واوين، وليس بقياسٍ؛ لكون الضمة عارضة، والواو المضمومة تُبْدَل همزة بشروط تقدمت في البقرة.
منها: ألا تكون الضمة عارضة، كهذه، وأن لا تكون مزيدة، نحو ترهوك.
وألا يمكن تخفيفها، نحو سُور ونور- جمع سوار ونوار- لأنه يمكن تبكينُها فتقول: سور ونور، فيخف اللفظ بها.
وألا يُدْغم فيها، نحو تعوَّذ- مصدر تعوذ.
ومعنى {وَلاَ تَلْوُونَ} ولا ترجعون، يقال: لَوَى به: ذهب به، ولَوَى عليه: عطف.
قَالَ الشاعرُ: [الطويل]
...................... ** أخُو الْجَهْدِ لا يَلْوِي عَلَى مَنْ تَعَذَّرَا

وأصله أن المعرِّجَ على الشيءِ يلوي عليه عنقه، أو عنان دابته، فإذا مضى- ولم يعرِّج- قيل: لن يلوي، ثم استعمل في ترك التعريجِ على الشيء وترك الالتفاتِ إليه، يقال: فلأن لا يلوي على كذا أي: لا يلتف إليه، وأصل {تَلْوُونَ} تلويون، فَأعِلَّ بحذفِ اللام، وقد تقدم في قوله: {يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ} [آل عمران: 78] وقرأ الأعمشُ، وأبو بكر بنُ عَيَّاشٍ- ورويت عن عاصم {تُلوون} بضم التاء- من ألوى وهي لغةٌ في لوى.
وقرأ الحسن {تَلُون} بضم التاء- من ألوى وهي لغةٌ في لوى.
وقرأ الحسن {تَلُون}- بواو واحدة- وخرجوها على أنه أبدل الواو همزةً، ثم نقل حركة الهمزة على اللام، ثم حذف الهمزة، على القاعدة، فلم يبق من الكلمة إلا الفاء- وهي اللام- وقال ابنُ عطيةَ: وحذفت إحدى الواوين للساكنين، وكان قد تقدم أن هذه القراءة هي قراءة مركبةٌ على لغة من يهمز الواوَ، وينقل الحركة.
وهذا عجيبٌ، بعد أن يجعلها من باب نقل حركةِ الهمزةِ، كيف يعودُ ويقول: حذفت إحدى الواوين للساكنين؟ ويُمكن تخريجُ هذه القراءة على وجعين آخرينِ:
أحدهما: أن يقالَ: استُثقلت الضمةُ على الواو؛ لأنها أختها، فكأنه اجتمع ثلاثُ واواتٍ، فنُقِلت الضمةُ إلى اللامِ، فالتقى ساكنانِ- الواو التي هي عينُ الكلمةِ، والواو التي هي ضميرٌ- فحُذفت الأولى؛ لالتقاء الساكنين، ولو قال ابن عطيةَ هكذا لكان أولى.
الثاني: أن يكون {تَلُونَ} مضارع وَلِي- من الولاية- وإنما عُدِّي بعلى لأنه ضُمِّن معنى العطف. وقرأ حُميد بن قيس: {على أُحُدٍ}- بضمتين- يريد الجَبَل، والمعنى: ولا تلوون على مَنْ فِي جبل أُحُد، وهو النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن عطية: والقراءة الشهيرة أقْوى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن على الجبل إلا بعدما فَرَّ الناسُ عنه، وهذه الحالُ- من إصعادهم- إنما كانت وهو يدعوهم.
ومعنى الآيةِ: تعرجون، ولا يلتفت بعضٌ إلى بعضٍ.
قوله: {والرسول يدعوكم}، مبتدأ وخبر في محل نصب على الحالِ، العامل فيها {تلوون}.
أي: والرسول يدعوكم في أخراكم ومن ورائكم، يقول: «إليَّ عِبَادَ الله؛ فأنا رسولُ اللهِ، من يكر فله الجنَّةُ».
ويحتمل أنه كان يدعوكم إلى نفسه، حتى تجتمعوا عنده، ولا تتفرقوا. و{أخراهم} آخر الناس كما يقال في أولهم، ويقال: جاء فلانٌ في أخريات الناس.
قوله: {فَأَثَابَكُمْ} فيه وجهان:
أحدهما: أنه معطوف على {تصعدون} و{تلوون}، ولا يضر كونهما مضارعين؛ لأنهما ماضيان في المعنى؛ لأن {إذ} المضافة إليهما صيرتهما ماضيين، فكأن المعنى إذا صعدتم، وألويتم.